ماذا أرى بعيني المجردة؟
تساؤُلات كثيرةٌ تدورُ في عقولِنا حولَ نكباتِ هذه الحياة، وما الَّذي سيحْدث بعدَ جائحةِ كورونَّا. لكنْ ماذا لو رأيْنا هذهِ التَّساؤُلات وهيَ تتراقصُ في السَّائل العصبيّ مُبْحِرَاً بها نحْو العَقْل، كيّ يُحلِّل تلك التَّساؤُلات فرْداً فرْداً ويبْحث عنْ أجوِبة مُبَرْهَنَة لها؟. هُنا تكمنُ معْرِفة الإنْسان بذاتِه وبقدراتِه.
لننْظرَ إلى الحياةِ بعدسةٍ مُكبَّرةٍ ونتأمَّلها جيِّداً، لَعلَّنا نَجدُ مفاهيمَ جديدةً توصِلُنا إلى آفاقٍ واسعةٍ. فهلاَّ سألْنا أنفُسَنا سُؤال: أيْن أرَى نفسي بعدَ عدَّةِ سنوات؟. فالإنسانُ الَّذي يعرِفُ ذاتَه وميولَه سيستطيعُ الإجابةَ عنْ هذا التَّساؤُل، وإنْ لمْ تكنْ كذلك فهذا لا يعني أنَّك جهولٌ بنفسكَ، عزوفٌ إلى الانطواءِ واللاَّهويَّة في هذا العالمِ، بل على العكسِ كلُّ شيءٍ أنتَ قادرٌ على اكتسابهِ شريطةَ حضورِ عقلكَ وقلبكَ معاً، ومنْ ثمَّ يجبُ عليكَ تحديدَ اتَّجاهَ شغفكَ الذي تستطيعُ منْ خِلاله سماعَ نبضاتِ قلبكَ، فبَعدها ستتمكَّن منْ رُؤْيةِ العالمِ بينَ عينيكَ ويديْكَ.
إِنَّني أعلمُ أيُّها القارئ أنَّكَ لازلتَ في حيرةٍ من أمرِكَ. لذلك دَعْنِي أُدْخِلكَ في عالمِ الأحلامِ والمُخيَّلاتِ التي لا تنْضبْ. فحين يحلمُ الإنسانُ بشيءٍ ما كأفضلِ رسَّامٍ في العالم، كأفضلِ مصَوِّرٍ في المجرَّةِ، فالأحلامُ لاحدّ لها، وأساسُ التغيير هو أنتَ. فكما قالَ غاندي: “كنْ أنتَ التغييرَ الَّذي تُريدُ أنْ تراهُ في هذا العالم”. امضِ في طريقكَ برفقٍ وحذرٍ كيّ لا تغوصَ في بحيرةٍ لنْ تستطيعَ الخروجَ منْها فتغرقُ فتفقدكَ صوابكَ. ولا عليكَ منَ الأحاديثِ السَّلبيَّةِ التي سوفَ تَسمعُها حين تَخْطي الطريقِ، فماهي إلا قهقهاتٍ عَلَتْ عالياً خلفكَ، وستبْقى خلفكَ، لا تُعطِها أيَّ مجالٍ للتفكيرِ والشكِّ. اغمسْ عقلكَ في عَسَلِ لُبِّ عقلكَ، وافتحْ عينيكَ لِتُبْصِرَ طريقكَ دونَ تَعُثُّرَ. و لا تُحاولَ التدخُّلَ في أموٍر ليسَ لكَ دخْلٌ فيها، فما ليسَ لكَ دخْلٌ فيه فهو ليس لكَ. وكما قال النَّبيُّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم :”من ْ حُسْنِ إسلامِ المرْءِ، ترْكَهُ ما لا يَعْنيهِ”، أكملْ طريقكَ إلى أنْ تجدَ نوَر شغفكَ وحلمكَ الَّذي بِتَّ ترْقبهُ . هناكَ بأعْلى القمَّةِ ينتظِرُكَ فورَ وصولكَ إليهِ ليحدِّثكَ أكثرَ عنهُ وعنْ أسرارٍ أخرى أنتَ تحلمُ بالوصولِ إليها وإلَّا لما قطعتَ هذا الطريقَ الطويلَ الممْلوءَ بالأشواكِ والعثراتِ.
بعد التقاءكَ بحلمكَ وإيضاحَه ُبعضَ المفاهيمِ لكَ، قدْ أصبحتِ الأمورُ الآن على ما يرام. إذاً الآن سيأتي دورَ العدسةِ المُكَبَّرةِ. فتسألُ نفسكَ بصورةٍ أدقٍّ من السَّابقِ: هل أنا في المكانِ الصحيح؟. وهل المسارَ الذي سلكتُهُ هو الجانبُ المُضيءُ لي؟.فهنا يتَحتَّمَ عليكَ اختيار ما يُحبُّهُ قلبكَ، لأنَّ جاذبيَّة الحُبِّ أيّ الشَّغف أكبرُ بأضعافٍ من قُوَّةِ العقْلِ. فعَلى الرُّغم منْ سماعِ الكثيرين بِأنَّ تحكيمَ العقلِ قبلَ القلبِ، ولكنَّني أرَى- منْ واقعِ تجْرَبَتي- أنَّ الشغفَ أكبُر قوةٍ وقَّوتَها تسْرِي على التَّبعاتِ التِي ستأْتي لاحِقاً. مثلَ شخصٍ يَحْلمُ بأنْ يُصْبِحَ كاتباً مُلهماً أَنْهى قراءَةِ معظمِ الكتبِ، و تدَّربَ في مجالِ الكتابةِ حيث شاركَ في العديد من الدوراتِ المجانَّية إلكترونيَّاً، فهذا الكاتبُ اتَّبَعَ شغفهُ وهو الَّذي أعانَهُ على إكمالِ المسيرِ في مجالِ أنْ يُصبِحَ كاتباً مُلهماً. وفي الوقت نفسِه لا ننْسى أنَّ مَعيَّةَ المَسيِر مقرونَةٌ بالعقلِ أيْضاً ولكنْ بقوةٍ أقلّ. فمنْ خلالهِ نَستطيعُ توجيهِ أفكارِنا توْجيهاً سَليماً نحو ما نَحلُمُ بِهِ. فالإنسانُ حينما يُرَكِّزُ تفْكيرَه ُفي شيءٍ ما ستتَّوجه جميعُ حواسَهُ نحو ذلكَ الشَّيّء.
إنَّ الحياةَ تُدْهشَنا كلَّ يومٍ ما بين خبٍر مفرِحٍ وخبرٍ مُفجِع. ففي السُّروِر تَتَعَالى أصواتُ الفرحِ والضَّحكِ في السَّماء الجميلةِ لتصِلَ إلى قلوبِنا، والتِي افتقدْناها بسببِ هذهِ الجائِحةِ. ولكنْ يهونُ كلَّ شيءٍ منْ أجلِ سلامتِهم وسلامتِنا. أمَّا التفجُّع فما هو إلا سماعِ نحيبِ النّساءِ اللاَّئِي ترمَّلنَ بسببِ موتِ أزواجِهنّ وفقدْنَ فلذَّاتِ أكبَادِهنّ. فتُخاصِم الحياةُ الحزنَ، لتُزْهرَ روحكَ بالفرحِ والطمأنينةِ. فما منْ حزن ٍيدومُ ولا فرحٍ يدومُ فالجميعُ فانٍ والدَّوامُ للِه.
4 التعليقات
روووعة وداد سلمت أناملك وإلى الأمام دائمًا 💗💗
ماشاء الله ❤️❤️❤️❤️
مقال روعة .. شكراً استاذة وداد
مقال جميل جدا و رائع
استمري في كتابة مقالات و اتركي بصمة جميلة في حياتك
موفقة باذن الله في كافة المجالات.