الإيجابيــة البلهــاء

الإيجابية البلهاء

بقلم: غادة البلوشية

بين تخبطات النفس الإنسانية و ظهور علوم تخص روح الإنسان و ذاته-بعضها بالطبع ما أنزل الله من سلطان،تغنى بها ألف إنسان-فتجد أن الأفكار قد اختلطت و تاهت و ربما عانت ما عانت ،اِندمج الرديء منها مع الطيب، فترى البعض يأخذ منها ما يأخذ و يتعامل معها دون تصفية سابقة لها، و بدون أدنى تفكير،سوى أنها قد تمت صياغتها في قالب الكلام المعسول، المريح للعقل و الروح و هنا أتحدث عن الإيجابية .

لعلك عزيزي القارئ سيخطر ببالك أني ذات نظرة سوداوية للحياة؛ لكن مهلاً أكمل مقالي هذا قبل حكمك المسبق علي.

الإيجابية مصطلح بتنا نسمعه كثيرًا و نكرره أكثر، فكرة تستدعي منّا قوة المواجهة و التفاؤل -و أنا هنا أتفق معك-؛ لكن بعضنا قد جردها من أزمات الحياة، ناسياً أننا كبشر لابد و أن نصاب ببعضٍ من الحزن أو ربما أن تخنقنا المشاكل و العثرات فننكسر و قد نيأس،هذه أمور ستحدث لنا لا محالة،مهما رفعنا راية التفاؤل،مهما كان تحفيزنا لذاتنا يصل للمئة،لا أحد ينكر هذا!.
من المؤكد حين تصاب بالحمى سيتعب جسدك، شهيتك للحياة ستقل، و حين تسمع خبرًا حزينًا ستحزن و حين تفقد أحد أحبابك ستبكي كثيرًا، هذه مشاعر لابد منها،إذًا لماذا التفاؤل المفرط يحل هنا عوضا عن احتوائها و تقبلها ثم القيام من جديد لمواصلة الحياة؟و لماذا ينظر البعض لنا كسلبيين و نحن نعيش حالتنا الشعورية؟حاشى للإيجابية أن تجرد الإنسان من إنسانيته و تحوله لملاك.

الإيجابية ليست نسفًا للواقع؛بل تقبله ثم مواجهته.نعم أقر بأني رسبت في إحدى المواد، نعم أعترف بأني حزين على هذا؛ و سوف أحزن؛لكن هذا الحزن لن يدوم، سأحول هذا الفشل لقصة نجاح أفتخر بها، سأواصل دربي، واثقا بربي، كان هذا الفشل درساً صعباً و جميلاً لي، سوف أنطلق منه و سوف أفجر طاقاتي للوصول لما أريد.

ثم على رسلك يا صديق، هل كل ما يحدث في الحياة شيء يستحق أن نلقي الضوء عليه ؟ هل كل مشكلة تحدث قابلة للتصحيح و التعديل ؟ هوّن عليك، لا شيء يستحق الاهتمام سوى ما كان يستحق.

أختصر قولي أن الإيجابية المفرطة هي اللاعقلانية في الأمور، هي تزييف للحقائق و إسكات الألم ،و لا أبالغ لو قلت أنها كالمسكن، تسكن الألم لفترة ثم تفاجئنا بقوته فتجعلنا نبكي من قوة الموقف، و كأننا نُصفع من الحياة،و لذا يا صديقي لا تكن إيجابيا بشكل مفرطٍ دومًا فتكن أحمقًا.طابت حياتك كلها بإيجابية صحيحةٍ صحية.